أعبّادَ الصليب لنا سؤالٌ
هذه القصيدة من كتاب "إغاثة اللهفان.." لابن القيّم رحمه الله
---------------------
أعبّادَ المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فما هذا الإله
وهل أرضاه ما نالوه منه فبشراهم إذا نالوا رضاه
وإن سخط الذي فعلوه فيه فقوتهم إذاً أوهت قواه
وهل بقي الوجود بلا إلهٍ سميع يستجيب لمن دعاه
وهل خلت الطباق السبعُ لمّا ثوى تحت التراب وقد علاه
وهل خلت العوالم من إله يدبرها وقد سمرت يداه
وكيف تخلت الأملاك عنه بنصرهِمُ وقد سمعوا بكاه
وكيف أطاقت الخشبات حمل إله الحقّ شُدّ على قفاه
وكيف دنا الحديد إليه حتى يخالطه ويلحقه أذاه
وكيف تمكنت أيدي عداه وطالت حيث قد صفعوا قفاه
وهل عاد المسيح إلى حياةٍ أم المحيي له ربٌّ سواه
ويا عجبًا لقبرٍ ضم ربًّا وأعجبُ منه بطنٌ قد حواه
أقام هناك تسعًا من شهورٍ لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرجَ مولودًا صغيرًا ضعيفًا فاتحًا للثدي فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما افتراه
أعباد الصليب لأيّ معنى يعظم أو يقبح من رماه
وهل تقضي العقولُ بغير كسر وإحراق له ولمن بغاه
إذا ركب الإله عليه كرها وقد شدت لتسمير يداه
فذاك المركب الملعون حقا فدسه لا تبسه إذ تراه
يُهان عليه ربُّ الخلق طرًّا وتعبده فإنك من عداه
فإن عظمته من أجل أن قد حوى رب العباد وقد علاه
وقد فقد الصليب فإن رأينا له شكلا تذكرنا سناه
فهلا للقبور سجدت طرًّا لضم القبر ربك في حشاه
فيا عبد المسيح أفق فهذا بدايته وهذا منتهاه