(الحديث 2)
الإسلام دين الفطرة
قال البخاري فى صحيحه
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب
قال ابن شهاب يصلى على كل مولود متوفى وإن كان لغية
من أجل أنه ولد على فطرة الإسلام يدعي أبواه الإسلام
أو أبوه خاصة وإن كانت أمه على غير الإسلام
إذا استهل صارخا صلي عليه
ولا يصلى على من لا يستهل من أجل أنه سقط
فإن أبا هريرة رضي الله عنه
كان يحدث قال النبي صلى الله عليه وسلم
ما من مولود إلا يولد على الفطرة
فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه
كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء
ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه
فطرة الله التي فطر الناس عليها الآية
المفردات
الفطرة : هي ما ركز في النفوس من الإيمان بوجود الله
والاعتراف بربوبيته
وقيل: الاستعداد والقابلية لقبول خطاب الإيمان
يهودانه: يصيرانه يهودياً .
ينصرانه: يصيرانه نصرانياً .
يمجسانه: يصيرانه مجوسياً .
جمعاء: سالمة من العيوب.
جدعاء: مقطوعة الأذن .
المعنى الإجمالي
يشير هذا الحديث إلى قضية غاية في الأهمية
وهي أن الأصل في الإنسان هو الإيمان بالله المعبر عنه بالفطرة
والتي يوحي أصلها اللغوي بأنه شيء خلق مع الإنسان وركب فيه
كما يركب سائر أعضائه
وأن الإنسان إنما يخرج عن مقتضى فطرته بمؤثرات خارجية
من تربية وبيئة وتعليم
وقد مثل النبي
- صلى الله عليه وسلم –
لحالة الإنسان حين ولادته على الفطرة
بحالة البهيمة في كمال خلقها وخلوها عن العيوب والنقائص
حتى إذا كبرت قطعوا آذانها وأنوفها وغيروا خلقتها
فكذلك ما يتعرض له الإنسان من انحراف في فطرته
هو بتأثير خارجي
فلو قُدر أن إنسانا نشأ وحده
وتربى وحده دون مؤثر خارجي
لنشأ مؤمناً عارفاً بالله .
الفوائد العقدية
1- أن أول واجب على العباد هو توحيد الله
وذلك أن الإيمان بالله وهو المعبر عنها بالفطرة
مركوز في النفس الإنسانية
والخلل الطارئ على البشر إنما هو في الشرك بالله
واتخاذ آلهة أخرى
وعليه فأول ما يخاطب به من هذا حاله هو توحيد الله
ونفي الشركاء
أما من كان الخلل عنده في قضية الوجود الإلهي
بأن كان ملحداً فأول ما يخاطب به هو أدلة وجود الله
2- أن الفطرة لا يمكن أن تزول
وإنما قد تطمس وتغطى بعوارض الكفر والإشراك
فإذا زالت تلك العوارض وموجباتها
رجع الإنسان إلى فطرته فآمن بربه وعاد إليه
3- أن التدين بالدين الحق ضرورة إنسانية
لا يمكن للإنسان أن يتغافل ويعرض عنها
أو أن يمحوها من قائمة اهتماماته؛
وذلك لما ركز في أعماق النفس الإنسانية
من نزوع إلى من تعبده وتعظمه
وتلجأ إليه في النوائب والمصائب والمحن
4- أن أولاد المؤمنين ناجون يوم القيامة
وهي من المسائل المجمع عليها
واختلف العلماء في أولاد المشركين
الذين ماتوا قبل أن يبلغوا
والراجح نجاتهم لكونهم ماتوا على الفطرة قبل أن تُغيَر
قال الإمام ابن حجر عن أولاد المشركين
" أنهم في الجنة، قال النووي
هو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون
لقوله تعالى
{ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا }
(الإسراء:51 ) ..
ومن الأدلة أيضا على نجاتهم ما رواه البخاري عن سمرة بن جندب
عن النبي
- صلى الله عليه وسلم –
في الحديث الطويل حديث الرؤيا، وفيه قوله
- صلى الله عليه وسلم –
( وأما الرجل الطويل الذي في الروضة
فإنه إبراهيم
- عليه السلام -
وأما الولدان حوله فكل مولود يولد على الفطرة
قال: فقيل: يا رسول الله وأولاد المشركين ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأولاد المشركين ) (2)
5- أن الحكم بنجاة أولاد المشركين في الآخرة
لا يعني اختلاف حكمهم عن حكم آبائهم في الدنيا
فهم يرثون آبائهم ويرثهم آباؤهم
ويدفنون في مقابر الكفار
ويأسرهم المسلمون في حال الحرب
ويدل على هذا قوله
- صلى الله عليه وسلم –
وقد سئل عن أبناء المشركين
( هم من آبائهم )(3)
التوحيد أول واجب على الناس
يتــــــــــــبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1)
صحيح البخاري - كتاب الجنائز
باب- كنت أنا وأمي من المستضعفين أنا من الولدان وأمي من النساء
رقم 1292
(2)
صحيح البخاري - كتاب التعبير
باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح
رقم 6640
(3)
قال الإمام مسلم فى صحيحه
وحدثني محمد بن رافع قال حدثنا عبد الرزاق
أخبرنا ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار أن ابن شهاب أخبره
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،عن ابن عباس
عن الصعب بن جثامة
( أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له لو أن خيلا
أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين
قال هم من آبائهم )
صحيح مسلم - كتاب الجهاد والسير -
باب إنا نصيب في البيات من ذراري المشركين قال هم منهم
رقم 3283 ـ1745